Pages

Saturday, June 25, 2011

منو ال(كتل) الشــــماشة؟!


قد قدر لك أن تولد من بطن أمك (بشراً) لا(حيواناً)دابة، لك من الاعضاء والحواس والجوارح والأحاسيس ما لأمثالك من البشر الذين تجدهم حولك لذلك لم تجد نفسك -ذات يوم- غريباً من حيث النوع أو الشكل وانت تحيا وسط البشر أياً كانوا هؤلاء البشر، لكنك قد تحس بغربة اللسان أو غربة اللون أو حتي المزاج لو انك سافرت الي مكان ما في هذا العالم الواسع، إلا انك لن تذهب الي الحيوانات في الغابة بدلاً عن الناس في المدينة التي انت غريب فيها .
لكن الأمر يختلف لكل من ولد في دولة السودان في عهد(ثورة الإنقاذ) وهو من أبوين لا ينتميان الي طبقة المال والحزب والسلطة، ففي في هذا العهد، وُلدنا نحن ونشأنا فعرفنا أنه ليس إنساناً في السودان إلا من كان يتصل بصلة-ما- بحزب المؤتمر الوطني أو بمؤسساته وأجهزته أو بكادراته وزمرته،وهذا التصنيف العجيب ليس من أجل أن تتعلم أو تتوظف أو أن تستترف وتتنعم من خيرات بلدك التي قاتل أجدادك ونزفت وانهمرت دماؤهم في سبيل تحريرها من الأتراك والإنجليز، بل هذا التصنيف يفصل في جدلية انتماءك الآدامي من عدمه، فلو كنت من أنصار الوطني علي الأقل إذن انت كائن بشري وينبقي معاملتك كذلك، ولو لم تكن منهم فلستك بأفضل من بقية الأنعام التي سخرها الله للإنسان.

طوال الأربع أيام الماضية كانت شوارع الخرطوم وخيرانها وازقتها تشهد(نفوقاً) جماعياً وليس موتاً! لأعداد كبيرة لأطفال سودانيين -الفقراء ابناء الفقراء (الذين يجوعون ولايأكلون يعطشون ولا يشربون ويمرضون ولايعالجون)وبما أنهم لا يمتلكون حتي مأوي لينامون فيه من هجير الشمس في بلد تتجاوز درجات الحرارة فيه أغلب أيام السنة ال38درجة، وتتساقط الأمطار فيه بكميات كبيرة،ويشتد فيه زمهرير البرد في فصل الشتاء،لذلك جعلوا من مصارف مياه المدينة(المتهالكة) بيوتاً لهم وملاجئ،واتخذوا من أطراف الشوارع والأزقة حيشاناً وملاذات.انهم يعتمدون علي الأكل من سلال القمامة ويشربون-خلسة- من مياه مغسلات الأيادي في المطاعم الشعبية،وحتي المجتمع السوداني أصبح يستعفف عن مجرد مدهم بالفتات والفضلات  ولكنه عوضاً عن ذلك يقود باستدعاء شرطة النجدة والعمليات عبر الرقم المجاني(999) لتبليغهم عن ثمة معتوه أو( شماشي)يزعجني، ولعل الشرطة في خدمة المواطن فيأتي رجالها وينهالون علي الذي (يفترض) أنه مجنوناً بالضرب والركل ولا يأبهون بأنه مجرد انسان طاوٍ يبحث عما يسد رمقه. 

ولايجد هؤلاء (الأطفال الجوعي) المعروفون بال(شماشة) بداً من ممارسة تغييب العقل وهو جوهر (الأنسنة) الذي ميزهم الله به عن سائر المخلوقات من اجل استمرارية العيش في مجتمع سلبهم انسانيتهم واقر لهم الحيوانية بديلاً، وأصبحوا مضطرون الي تناول مادة تعرف في السودان بال(سلسيون) وهي مادة ترقيع انابيب اطارات السيارات، وقد وجدت شركات الحكومة استهلاكاً رائجاً لهذه السلعة فأخذت تستوردها بكميات هائلة دون ما مبالاة بأضرارها علي اطفال السودان .

عوداً علي قصة النفوق الجماعي، فقد أوردت الصحف اليوم تقاريراً رسمية تقول بوصول عدد الأطفال  الموتي بمادة الإسبرت  قد وصل الي (105) حالة وفاة(خلال اربعة أيام)!!، وطبعاً العدد مرشح للمزيد نسبة لأؤلئك الذين يرقدون بانتظار للظة خروج ارواحهم.
وحتي الآن لم تتخذ الحكومة أي اجراءات ضرورية من شأنها ايقاف هذا الوباء ، ولم تقم بتحقيق مفتوح تشارك فيه جهات مستقلة لمعرفة من الذي تسبب بقتل هذه البراءات، كما اننا لم نسمع أي مسئول يتقدم باستقالته تعبيراً عن خسارة هذه الأرواح وهو في موقعه،بل ولم نسمع حتي الآن أي اعتذار قد صدر من مسئول، وحتي الرئيس لاتشغل باله ولا تؤسفه مثل هذا الهلاك الجماعي، وطيلة الأيام الماضية كان كل همه هو ان يظهر بالطريقة الشافيزية مهدداً للجنوب بقطع امدادات النفط وكأنه به يظن أن لقراراته صدي يمكن أن تتعثر به سلة(أوبك)، واهم!
تخيل لو أن الرئيسين الإيراني أو الصيني واحد منهما سأل البشير: عن ما الذي يقتل الأطفال في السودان؟ وطبعاً هذه المادة يتم استيرادها -للسودان-من هذين البلدين. 

الإنسان كائن مركب من نقيضين، من الروح التي تاتي من علياء السماء،ومن الجسد الذي خلق من صلصال التراب الذي يدوس عليه الإنسان بقدميه،فالمال والسلطة والجاه والغني والفقر .....الخ، لا تفصل في أصالة الإنسان من عدمه،لذلك يجب أن نبكي هؤلاء الأطفال ونحتد لموتهم كما نكّرم الأغنياء والمشاهير، فهم ايضاً بشر وابناء أدم وهم سودانيون.بل وعلينا أن نخرج ونعتصم في الشوارع والساحات حتي نعرف من قتلهم ومن ورد هذه المادة السامة التي قصد منها القضاء علي كل الشماشة وفي ضربة لازب.

*علينا أن نعرف منو ال(كتل) الشماشة؟!

No comments:

Post a Comment

حبابك عشرة