سوف اشرب الخمر !!

اليوم ...الليلة...في ساعة ما، وفي لحظة من لحظات حياتي التعيسة سوف  استقبل  بل أواجه- مرغماً - واقعا ً واصادم وقعاً أكثر مرارة و أشدّ ألماً  من ان استطيع التعبير عنه،  انها لحظة-لم تأتي بعد- غير أنني ولأول مرة  أشعر  بثورة من الأسألة المستنفرة والمستنكرة للتخطيط الذي رسمه لي الله من الازل  ولمشيئته القاضية بأن أولد انا  في موضعاً ما من الأرض يسمي  حسب  اهل الأرض(بالسودان) وبزمان محدد أقضي ايام حياتي فيه  ثم اُهلك. هذه الأسئلة  وهي تمور داخل الحنايا استبدّت بعقلي واخذت بالفؤاد لتجعل من لساني مخرجاً لها  فطفقتُ متسائلا: لماذا انا موجود؟ لماذا أنا وُلدتُ قبل تاريخ التاسع من يوليو2011م؟ او أقله لماذا لم أكن طفلاً بريئاً في هذا اليوم أو أمت قبله؟بل ولماذا أنا   سودانياً ولم أكن كوبياً أو يابانياً أو كمرونياً أو من فنلندا؟! هذا كله بجانب بعض التساؤلات التي لم استطع حتي البوح بها لكم فآثرت علي ابتلاعها ب(كوز موية باردة).

لكن قبل اليوم وفي تدوينة سابقة سالتكم عن كيفية احتفالكم بالإنفصال؟ في الواقع انا نفسي لم أجد اجابة عن ذلك التساؤل، ويزداد الإمر سوءأ ويتعاظم الإرتباك اكثر فأكثر كلما تقاربنا ولحظة الفاجعة، فتتشتت الأجوبه وتشرد الأفكار وتغوص البصائر في بحر الدموع الذي يغمر المآقي الخائرة الحائرة فنقف مشدوهين مكلومين مأسوفين عليك يا موطني العظيم.


اليوم ...وامعاناً في الهرب من الواقع ، وعملاً بدفن الرأس في الرمال ، وتفادياً لأسوأ المرارات، سوف اعمد انا الي معاظلة الخمر البلدية(العرقي) وللعلم هذه هي المرة الأولي بالنسبة إلي وستكون الإخيرة، لكني عزمت علي أن أفعل، سوف أشربها ليس بداعي الفرح أو الحزن علي الإنفصال، لكن ببساطة هروباً من كليهما، فانا اليوم أجدني غاية في الضعف علي احتمال تقسيم مشاعري مابين الأسي والعويل علي الفقد، وبين التغني والإبتسام لجهة المشاركة في استقلال شعب الجنوب! 

علي كل ..سوف اشرب الخمر  ..